16 شباط 2022 وكالة أخبار اليوم :المصدرفالنتينا سمعان :الكاتب
كتبت فالنتينا سمعان في أخبار اليوم:
بعبارتي "تقدّم وفرصة" و"حيث هناك إرادة هناك وسيلة"، اختتمت جولة الوسيط الأميركي في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، آموس هوكشتاين الأسبوع الماضي.
لكنّ ما لحقها من تداعيات لم يكن يصبّ في خانة هاتين العبارتين ولا بقدر آمال اللبنانيين، فقد سقط الخط 29 من خريطة التفاوض حين أعلن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في حديث إلى "الأخبار" أن "الموقف اللبناني الرسمي واضح، فالنقطة 23 هي الحدود البحرية، والنقطة 29 كانت خط التفاوض، وأن البعض اقترح هذا الخط من دون حجج برهنت عليه. أما عن تعديل المرسوم 6433 فلم يعد واردًا في ضوء المعطيات الجديدة".
هذا الإعلان استفزّ رئيس الوفد التقني العسكري المفاوض العميد الركن الطّيار بسام ياسين الذي طالب بعبدا بتوضيح، لتنهال عملية الردّ والردّ على الردّ دون أي تعليق رسمي من رئاسة الجمهوريّة حتى الساعة.
وبعيدًا عن قراءة المشهد السياسي للوقائع، يرى مصدر دبلوماسي مطلع أن "لبنان ومنذ بداية المفاوضات، كان مقصّرًا في "التحديد" لنقص خبرته، فيما كانت إسرائيل "صاحبة الخبرة" متفوّقة في هذا المجال، لمعرفتها بقانون البحار الصادر عام 1982".
ويضيف في حديث إلى وكالة "أخبار اليوم": "لتحسين الاطلاع على هذا القانون، قام الجيش اللبناني حديثًا بإرسال ضباطه إلى لندن لمتابعة دورات في هذا المجال، فبات يتمتّع بالخبرة اللازمة، وهذا ما يفسّر أنه عندما كان التفاوض على الخط 23 كان هناك أخطاء في "التحديد" وليس في "النوايا"، والامر ليس مآمرة كما فسّرها البعض".
ويتابع المصدر: "خط هوف هو خط غير مقبول، في حين أتى هوكشتاين بـ"مقاربة جديدة وذكية"، انطلقت من فكرة تقاسم الحقول أي الموارد بدلًا من البحث في موضوع إشكالية الخطوط" معلّلًا ذلك بأن الغاز بعد عشر سنوات ستخفّ أهميّته ومحاولًا إقناع رئيس الجمهوريّة وفريقه بذلك.
وكمطلع على قانون البحار، يقول المصدر، إن الحلّ الأنسب في هذه الحالة هو خط وسطي ما بين الخط 23 والخط 29، كأن نأخذ مثلًا الخط 25 أو 26، لانّه من المعلوم أنّه في المفاوضات لا يمكن لأي طرف الحصول على كلّ شيء".
ويشدّد على هذه الفكرة، كون لبنان في حالة "ضعف"، موضّحًا أنّه كان بإمكانه التثبّت بالخط 29 لو أنّ نموّه الاقتصادي جيّد، فقد كان بإمكانه الإنتظار إلى حين موافقة إسرائيل على ذلك.
ويؤكّد المصدر أنّ "القصة قصة وقت"، فإمّا "أن تستمرّ المفاوضات على ما هي عليه ويذهب الوقت، فتكون إسرائيل قد استغلّت كل شيء، وإمّا أن يأخذ رئيس الجمهوريّة قرارات غير شعبيّة لكنّها على المدى الاستراتيجي الطويل تكون جيّدة على لبنان، كأن يحصل على خط بين الخطين 23 و29.
ويلفت المصدر إلى عامل إيجابي في هذا الإطار، وهو عدم معارضة "حزب الله" للدولة اللّبنانية تاركًا المهمّة لرئيس الجمهوريّة.
وعمّا إذا كان التنازل يُعتبر "خيانة" كما يتمّ وصفه من قبل الكثيرين، يعتبر المصدر أنه لا يندرج في هذا الإطار لا من قبل رئيس مجلس النواب نبيه بري حين أعدّ إتفاقيّة الإطار، ولا من العماد عون وما يُذكرعن تقديم مصلحة باسيل على الموضوع الأساس، إنّما يشدّد على فكرة "خط وسطي" بين الخطين لضمان خط جيّد للبنان، جازمًا الحصول على الخط 23.
وعن اختلاف الرؤى بين الرئيس السابق للوفد المفاوض اللواء الركن عبد الرحمن شحيتلي ورئيس الوفد التقني العسكري المفاوض حاليًّا (تشكيك شحيتلي بمعطيات ومعلومات ياسين، والتوجه بالقول: أنه لا يحقّ له أن ينصّب نفسه حكمًا)، يرى المصدر أن شحيتلي مملمّ في "التحديد البري" لا "البحري"، لافتًا إلى أنّ الجيش انطلق من خط رأس الناقورة التي تنطلق منه الخطوط وهي انطلاقة قانونيّة، وأن ياسين يتمتّع بالخبرة في هذا المجال أكثر من شحيتلي إن من حيث القانون أو الأساليب.
ويختم المصدر واصفًا ما يحصل بـ"المناورات الدبلوماسيّة"، آملًا ألّا يخسر لبنان شبرًا من حقّه".