news
Folder

أخبار

20 نيسان 2022 newsfolio  :المصدرغريس الهبر  :الكاتب

ديوان المحاسبة

الاتصالات

أوجيرو

الخلوي

المصارف

الفساد

article_page_ad

يرفع تقرير ديوان المحاسبة الستار مجدداً على المخالفات التي حصلت في قطاع الإتصالات منذ العام 2010 إلى العام 2020، ويوّثق الهدر وإذا جاز التعبير جزء كبير منه ضمن "الأطر القانونية". ويفنّد التقرير الذي أعدّته الغرفة الرابعة برئاسة القاضية نيللي أبي يونس وعضوية المستشارتين نجوى الخوري ورانية اللقيس، أبواب الهدر والصفقات المشبوهة والمخالفات القانونية، من قبل وزارة الإتصالات والهيئة المنظمة للاتصالات وهيئة أوجيرو.

 كما قرر ديوان المحاسبة إحاطة مجلس النواب علماً بالمخالفات المرتكبة من قبل وزراء الاتصالات، كذلك إعلام النيابة العامة التمييزية والنيابة العامة لدى الديوان بالمخالفات والذي يقتضي في حال ثبوتها الادعاء بها أمام المحاكم المختصة. وعليه، ما هي الخطوات التي يجب أن تتخذ؟ وهل ستتحرك الجهات القضائية والبرلمانية لرفع الحصانة عن كل من يثبت إتهامه من وزراء أو إدانة كل الموظفيين المخالفيين والمتسبيين بهدر المال العام أم ستبقى كل المعطيات حبراً على ورق؟

وفي هذا الإطار، يوضح المحامي طوني مخايل لـ "نيوزفوليو"، "أن الدستور اللبناني يحمي الوزراء إذا كان الأمر متعلق بإخلالهم بواجباتهم الوظيفية المترتبة عليهم"، مشيراً الى أن "الملاحقة يجب أن تكون من خلال المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وفقاً للآلية الخاصة المتبعة أمامه".

ويعتبر مخايل أنه في ما ورد في تقرير ديوان المحاسبة، يتحمّل كل وزرير منهم إفرادياً متبعة أفعاله ومسؤوليته عن مخالفة القانون.

ويلفت مخايل الى ان بعض القضايا في موضوع الوزراء في قطاع الخليوي، تندرج ضمن الهدر وسوء الإدارة والإخلال بواجباتهم الوظيفية، وأن الوزير يبقى خاضعاً للحصانة التي توفرها المادة 70 من الدستور، إلا إذا ثبت فعل الفساد. ويعتبر الفعل ضمن إطار الفساد إذا ثبت أن الإجراء الذي قام به حصل من خلاله على منفعة أو حقق مكاسب غير مشروعة من المال العام لنفسه أم لغيره، بصورة مباشرة أو غير مباشرة".

وعن تحديد مواصفات الـ "مكاسب غير مشروعة"، يقول مخايل: "إذا أتاح القانون للوزير القيام بمناقصة محصورة أو إستدراج عروض أو غيره، وتحايل على قانون المحاسبة العمومية من خلال عدم القيام بمناقصة عمومية، ولجأ الى إجراء مناقصات محصورة أو محددة معلّبة لتفوز شركة معينة، هنا لا يمكن أن توّصف غير مشروعة لأنها تمت في إطار قانوني ولا يمكن وصف هذا الهدر بمكاسب غير مشروعة، لأن القانون شرّع هذا الأمر".

ويشير مخايل الى أنه يتم إعتماد تاريخ وقوع الفعل حول أي مخالفة قام بها أي وزير، لذا يطبّق قانون أصول المحاكمات عند وقوع الفعل، بحيث تتبع الأطر القانونية من خلال المجلس النيابي وإحالتها للمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وموضحاً أنه "حتى لو سقطت صفة الوزير عنه، إلا أن الفعل المنسوب إليه كان حين كان وزيراً".

أما المسؤولون في الهيئات المستقلة أو الموظفون المخالفون أو المتهمون بهدر المال العام والمخالفات المختلفة، فتتم ملاحقتهم أمام الجهات القضائية المختصة، بعد الحصول على إذن من الوزير.

قطاع الإتصالات وتطور الإنفاق !!

وفي تحليل للمخالفات التي أسهب تقرير ديوان المحاسبة في تشريح مزاريب الهدر فيها في قطاع الإتصالات، نال القطاع الخليوي حصة الأسد من حيث حجم المخالفات وقيمة الإنفاق غير المبرر، خصوصاً أنه حقق بين 2010 و2020 إيرادات بما يقارب 17 مليار دولار وتم مد الخزينة العامة بنحو 11 مليار دولار. وبحسب التقرير، كلّف تشغيل الشبكة التي تضم 4 ملايين مشترك، 6 مليار دولار أي 32٪ من العائدات. وتعتبر هذه النسبة مرتفعة خصوصا أن الشركتان (alfa وتاتش) لا تدفعان رسوم الترخيص والرسوم التي تعود إلى الهيئة المنظمة للاتصالات. كما تكلفت الدولة 1.4 مليار دولار (39% من مجموع الإنفاق الاستثماري) للمصاريف الاستثماري، ذهب منها 650 مليون دولار لتطوير الشبكات التقنية فقط.

وبين العام 2010 و2020، بلغت المصاريف الإستثمارية في شركة ألفا  952 مليون دولار، وفيما في شركة تاتش 690 مليون دولار. أما المصاريف التشغيلية في شركة ألفا سجلت مليار و167 مليون دولار، مقابل مليار و215 مليون دولار في شركة تاتش.

ومن بين أمثلة الهدر الذي أورده تقدير ديوان المحاسبة، ما قام به الوزير نقولا صحناوي في العام 2011، إذ لزّم مشروع 3G  لإستيعاب مليون مشترك لشركة هواوي بمبلغ 25.6 مليون دولار أمريكي بموجب مناقصة، ثم قرر بموجب مذكرة تفاهم، توسعة الشبكة ب 500 الف خط اضافي ولزّم المشروع للشركة عينها بشكل حصري، بمبلغ 82 مليون دولار أمريكي. وانتهى المشروع بكلفة إجمالية 128.3 مليون دولار أمريكي.

 في عهد الوزير نقولا صحناوي، قررت شركة Touch-Mic 2 التعاقد مع شركة ZTE لاستبدال شبكة Motorola القديمة على كامل الأراضي اللبنانية بكلفة 27.9 مليون دولار. وإنتهى المشروع بكلفة إجمالية بلغت 72 مليون دولار أمريكي بعدما قامت الشركة خلال العام نفسه بإضافة أشغال وتوسيع وتحديث الشبكة. وبعد 6 سنوات، خلال تولي الوزير جمال الجراح الوزارة، عقدت الصفقة ذاتها مع شركة هواوي بقيمة ٩٠ مليون أمريكي وتم رمي المعدات التي كلّفت ٧٢ مليون في المستودعات، علماً انها كانت لا تزال صالحة ومكفولة لغاية العام ٢٠٢٥. وتجدر الإشارة الى أن شركة Huawei حصلت على مبلغ 1.7 مليون دولار من أجل السماح لشركة ZTE بالتوافق التقني مع شبكتها.

ومن المشاريع الأخرى التي وضع عليها ملاحظات وعلامات إستفهام، كل من مشروع الجيل الثالث في شركة "ألفا" بدأت كلفته 41.6 مليون دولار وانتهى بكلفة 170.2 مليون دولار وذلك بين عامي 2011 و2012، مشروع الجيل الرابع في “تاتش” الذي فاقت كلفته 100 مليون دولار، إذ نالت الحصة الأكبر منه شركة هواوي التي كانت تتقاضى في بعض المشاريع 50% من قيمة الالتزام في نفس سنة التلزيم. بالإضافة الى هذين المشروعين مشروع الجيل الرابع في “ألفا” في العام 2013، إذ تم  تجريب ال 4G  بقيمة 15.5 مليون دولار وصرفت على مشروع التوسعة في العام 2018، 91.5 مليون دولار. والجدير ذكره أنه تم شراء 500 محطة إرسال جديدة سنة 2017 بقيمة 73.4 مليون دولار ولم تقم بتركيبها والآن تبحث عن بيع هذه المحطات. وبذلك تكون كلفة ال 4G / LTE بلغت 180 مليون دولار.

التوظيف السياسي

يتطرق تقرير ديوان المحاسبة حول قطاع الإتصالات الى التوظيف في الشركات الذي لم يكن يخضع للحاجة، إذ إرتفع عدد الموظفين في شركة ألفا بين العامين 2010 و2018 من 714 موظفاً إلى 1102 موظف، بزيادة بلغت 54%. أما في شركة تاتش، ارتفع العدد الموظفين من 434 إلى 749 في العام 2018، بزيادة بلغت بنسبة 72.6%. ويشار الى أن هذه أعداد الموظفين إنخفضت في العام 2020 نتيجة عدد من الإستقالات.

أما الأعوام التي شهدت أعلى نسبة من زيادة الموظفيين فكانا 2012 و2013، وذلك عقب تغيير طبيعة العقد، ونقل المصاريف التشغيلية إلى عاتق الوزارة. وكان لإرتفاع عدد الموظفين إنعكاس على كلفة الرواتب والتي زادت مثلا في شركة ألفا بين العامين 2010 و2018 بنسبة 149%، إذ إرتفعت الى 54 مليون دولار أمريكي سنويا بعدما كانت 21 مليون دولار أمريكي. 

مجلس إشراف المالك

تولّى مجلس إشراف المالك مسؤولية إدارة العلاقة بين الوزارة والشركتين ألفا وتاتش، بالإضافة الى الإشراف على قطاع الخلوي من النواحي القانونية والتجارية والمالية.

وتظهر الجداول الخاصة بأعضاء المجلس وفرق العمل والرواتب الذي يتقاضاها كل فرد منهم، التي تسلمها الديوان أنها فقط تعود إلى الفترة الزمنية ما بين 2017 وتشرين الأول 2020، كما أكّدت الوزارة أن هذه الجداول هي كل ما وجد لديها من جداول تعود إلى الهيئة المذكورة ولا يوجد لديها قاعدة بيانات رسمية تتعلق بالمجلس منذ إنشائه. ويعتبر الديوان هذا الأمر مخالفا للأصول والقواعد القانونية التي تفرض على كل الإدارة الاحتفاظ بالمستندات العائدة لنشاطها لفترة زمنية محددة ولا يمكن إتلافها أو التخلّص منها إلا وفقاً لأصول حددها المشرّع.

وتبين الأرقام أن عدد أعضاء المجلس وفرق العمل تراوح بين 25 و30 شخصاً، بالإضافة الى 30 شخصاً من فريق الوزير، وهذا العدد كبير وغير منطقي وغير مبرر.

كذلك، كان المجلس طريقة غير مباشرة إعتمدها الوزير كوسيلة التوظيف في مكتبه، إذ أبرزت الجداول أنه  ثمة عاملين في مكتب الشكاوى التابع، بالإضافة الى أسماء أخرى لم تذكر وظائف أصحابها، ليتبين لاحقاً أنهم عاملون لصالح مكتب الوزير.

هدر من كل حدب وصوب

يتطرق تقرير ديوان المحاسبة الى هدر في أماكن اخرى مثل صندوق دعم الشركات الناشئة، تغطية نشاطات المجلس من قبل الشركيتين، والرواتب مرتفعة  لفريق الوزير، والصيانة في الشركتين خصوصاً بعد اللجوء إلى عقود خارجية لتأمين هذه الخدمات، وعلى سبيل المثال التعاقد مع شركة “باورتيك”. كما يتناول التقرير الإنفاق الكبير والمتناني على بدلات الإيجار.

غيض من فيض

يلقي تقرير ديوان المحاسبة الضوء على الهدر في أماكن اخرى في قطاع الإتصالات وتحديداً في  "هيئة أوجيرو" الإتصالات. ويظهر التقرير ظهر مخالفات إدارية ومالية في هيئة أوجيرو، ومنها الإنفاق خارج الأطر التعاقدية خلال الأعوام 2017، 2018، 2019 و2020، ولو حصل هذا الإنفاق وفق الأطر التعاقدية كان "سیؤدي إلى الحفاظ على الربح المتراكم لدى "أوجیرو" خلال أكثر من 10 سنوات والبالغ 160 ملیون دولار، بدلاً من أن يصرف خارج الأطر التعاقدية وما استتبعه من مخالفات قانونیة".

ومن ناحية أخرى، من المشاريع التي يوردها التقرير وحملت علامات إستفهام كان عقد تلزيم الألياف البصرية الذي وُقّع في عام 2018، بقيمة تقارب 300 مليون دولار.

كما يتحدث التقرير عن التوظيفات العشوائية، وأبرزها في الزيادة الكبيرة في عدد المياومين والذي بلغ عددهم  603 مياومين. وقد جاء هذا التوظيف مخالفاً للمادة 21 من قانون موازنة 2017. هذا بالإضافة الى الـ 30 عقد مبرم مع إستشاريين تعاقدت معهم الهيئة أوجيرو من بينهم 21 عقد جديد و9 عقود مجددة، وذلك من دون مراعاة  المؤهلات وبشكل مخالف للمادة 21 من القانون رقم 2017/46. كما تبين أن غالبية العقود المجدّدة كانت مع موظّفين في وزارة الاتصالات أو الهيئة أحيلوا إلى التقاعد، وذلك يشكل مخالفة صارخة لأحكام المادة 68 من نظام الموظفين.

ويلفت التقرير أيضاً الى المخالفات التي لم يتم القيام بأي تدبير بشأنها وأثيرت من قبل هيئة التشريع والاستشارات والنيابة العامة المالية والنيابة العامة لدى ديوان المحاسبة والتفتيش المالي في التفتيش المركزي.

هيئة مع وقف التنفيذ

أما الهيئة المنظمة للاتصالات المولجة تنظيم وتطوير قطاع الاتصالات، فهي بدون صلاحيات وبحكم هيئة تصريف أعمال، وذلك مرده الى عدم إنشاء شركة اتصالات لبنان وفقاً للمادة 44 من قانون الاتصالات.

ويشار الى أن عمل الهيئة المنظمة للاتصالات بدأ في العام 2007، فيما توقّفت نهائياً عن العمل في العام 2015، كما أن فترة ولاية أعضائها انتهت في العام 2012 دون أن تشكيل هيئة جديدة. وكان متوقعاً من  الهيئة أن تلعب دوراً محوريا في ضبط الهدر في القطاع الاتصالات، الإ انها أصبحت ثقلاً ماليا على الدولة خصوصاً أن موازنتها تتضمن الرواتب والأجور وبعض النفقات الإدارية (5 مليار ليرة من أصل 6 مليارات في العام 2020). كذلك،

كما يذكر تقرير ديوان المحاسبة سلفات خزينة ومساهمات بين العامين 2010 و2020 بقيمة إجمالية بلغت 84.5 مليار ليرة، على الرغم من وجود في حساب الهيئة الناظمة مبلغ قدره 31.2 مليار ليرة، إذ كان من المفترض أن يستعمل لتسديد جزءاً من سلفات الخزينة.

يوضح التقرير أن الهيئة لم تمنح الاستقلال الإداري ولا المالي منذ تعيين أول مجلس لإدارتها، ولم تتمكّن من استيفاء الرسوم والبدلات المنصوص عنها في قانون الاتصالات وبقي تمويلها على عاتق الدولة اللبنانية. بالإضافة الى ذلك، لم يتم تأسيس شركة اتصالات لبنان ما وضعها في موقع غير فاعل وغير مجدي.

 

news
news
news
news