news
Folder

أخبار

3 كانون الأول 2021 أساس ميديا  :المصدرعلي نور الدين  :الكاتب

اقتصاد

التدقيق_الجنائي

مصرف لبنان

رياض سلامة

article_page_ad

 
عادت شركة آلفاريز آند مارسال لتتحدّث عن عراقيل تحول دون بدء التدقيق في ميزانيّات المصرف المركزي، وعاد تلويحها مجدّداً بالانسحاب مرّة ثانية من هذا المسار بأسره، على غرار ما قامت به خلال العام الماضي. من الناحية العمليّة، لقد بات مستحيلاً الالتزام بالمهلة المحدّدة في عقد التدقيق، الذي ينصّ على تقديم التقرير الأوّليّ في 20 كانون الثاني المقبل، وهو ما يعني أنّ وزير المال سيحتاج إلى تمديد المهل المنصوص عليها في العقد. وإذا كان تمديد هذه المهلة مسألة قابلة للتنفيذ بسهولة، فالإشكاليّة الأهمّ ستبرز بعد انتهاء مهلة رفع السرّيّة المصرفية لغايات التدقيق الجنائي التي تنقضي مع نهاية العام بحسب القانون الذي أقرّه المجلس النيابي لهذه الغاية.
يحاول مصرف لبنان حتّى اللحظة الإيحاء بالتعاون الكامل مع الشركة في جميع ما تطلبه، ولو أنّ معظم التسويات التي يستهدف الوصول إليها لا تعطي الشركة ما تريده فور طلبه وقبل بدء عمليّة التدقيق
وقد نشأ التجاذب بين مصرف لبنان وشركة آلفاريز آند مارسال منذ أسابيع على أكثر من جبهة:
أوّلاً: تطلب الشركة محاضر اجتماعات المجلس المركزي لمصرف لبنان لتدقيق المرجعيّة التي شرّعت بعض الممارسات المحاسبيّة التي اعتمدها الحاكم، وخصوصاً تلك التي تتّصل بتسجيل بعض الخسائر في بنود الموجودات بخلاف المعايير المحاسبيّة العالميّة المعتمدة في جميع المصارف المركزيّة. وترغب الشركة بالبحث عن الموافقات التي حصل عليها الحاكم قبل الشروع بالهندسات الماليّة التي بدأها في العام 2016. وفي الحالتين، من المفترض أن تبيّن هذه المحاضر إمكانيّة تحمّل المجلس المركزي لمصرف لبنان جزءاً من مسؤوليّة هذه التجاوزات مع الحاكم، في حال موافقة المجلس عليها، أو تحمّل الحاكم منفرداً هذه المسؤوليّة في حال عدم اطّلاع المجلس المركزي على هذه الإجراءات.
في المقابل، تملّص حاكم مصرف لبنان من هذا الطلب بشكل غير مفهوم، عبر ادّعاء عدم جهوزيّة هذه المحاضر ورقيّاً، وحاجته إلى بعض الوقت "لتفريغها" و"تدقيقها". مع الإشارة إلى أنّ الأنظمة الداخليّة المعتمدة في مصرف لبنان تفرض المصادقة على محضر كلّ اجتماع للمجلس المركزي في بداية الاجتماع اللاحق، وتفرض أيضاً إرسال هذه المحاضر بشكل رسمي إلى مفوّض الحكومة في المصرف، وهو ما يعني أنّ ادّعاء الحاكم عدم جهوزيّة هذه المحاضر يتناقض مع طبيعة الإجراءات المعمول بها في المصرف المركزي.
في كلّ الحالات، خلص التجاذب حول هذه النقطة إلى طلب المصرف المركزي مهلة لإعداد ما تطلبه الشركة من محاضر على مراحل متعدّدة، وسط تشكُّك الشركة في جدّيّة ادّعاءات حاكم مصرف لبنان، وفي الطريقة التي سيقدّم بها هذه المحاضر والتفاصيل التي ستتضمّنها.
ثانياً: تركّزت نقطة الخلاف الثانية على بعض المعلومات التي طلبتها الشركة للفترة التي سبقت العام 2016، لمحاولة مقارنة وضعيّة بعض الحسابات قبل البدء بالهندسات الماليّة وبعدها، وتتبّع التغيّر في أرصدة هذه الحسابات. لكنّ حاكم مصرف لبنان تمنّع بحجّة عدم شمول عقد التدقيق الجنائي هذه المرحلة الزمنيّة، واقتصار العقد على العمليّات التي حصلت منذ العام 2016. وفي خلاصة هذا التجاذب، وعد مصرف لبنان بتقديم هذه المستندات لاحقاً، بعد إعدادها خلال الفترة المقبلة.
ثالثاً: اللغم الثالث، الذي انفجر في علاقة مصرف لبنان مع الشركة، كَمَن في تفسير عبارة "حسابات المصرف المركزي" الواردة في قانون رفع السرّيّة المصرفيّة لغايات التدقيق الجنائي. طلبت الشركة تزويدها ببعض حسابات الأفراد في مصرف لبنان منذ العام 2015، في حين أنّ المصرف يعتبر أنّ هذه الحسابات تسري عليها السرّيّة المصرفيّة كما تسري على حسابات الأفراد لدى المصارف التجاريّة، لأنّها لا تندرج ضمن مفهوم "حسابات المصرف المركزي" التي نصّ عليها قانون رفع السرّيّة.
تكمن الإشكاليّة الأساسيّة في أنّ مهلة رفع السريّة المصرفيّة لغايات التدقيق الجنائي ستنتهي بحلول نهاية الشهر، وهذا يعني أنّ الشركة لن تتمكّن من تقديم أيّ استيضاحات جديدة بعد رأس السنة
وفي هذا الملفّ أيضاً، يحاول حاكم مصرف لبنان التوصّل إلى صيغ تقنيّة بديلة لتقديم هذه المعلومات، بحيث تشمل بعض العمليّات المتعلّقة بكلّ حساب على حدة، بدل تقديم حركة جميع هذه الحسابات كما تطلب الشركة اليوم.
في خلاصة الأمر، يحاول مصرف لبنان حتّى اللحظة الإيحاء بالتعاون الكامل مع الشركة في جميع ما تطلبه، ولو أنّ معظم التسويات التي يستهدف الوصول إليها لا تعطي الشركة ما تريده فور طلبه وقبل بدء عمليّة التدقيق. في المقابل، تنقل الأوساط المطّلعة على موقف الشركة ريبتها من تملّص مصرف لبنان من توفير المعلومات المطلوبة كما هي، وخصوصاً تلك المرتبطة بمحاضر اجتماعات المجلس المركزي لمصرف لبنان. لا بل تنقل هذه المصادر لـ"أساس" عدم اقتناع الشركة حتّى اللحظة بالحجج التي يقدّمها سلامة لتفادي تقديم جميع هذه المحاضر في الوقت الراهن، خصوصاً أنّ آليّات عمل المجلس المركزي لمصرف لبنان تفرض وجودها بشكل منظّم من دون أيّ جهد. ولهذا السبب، ترفض الشركة حاليّاً اتخاذ قرار بدء التدقيق قبل تحصيل الأدنى من المعلومات التي طلبتها.
تكمن الإشكاليّة الأساسيّة في أنّ مهلة رفع السريّة المصرفيّة لغايات التدقيق الجنائي ستنتهي بحلول نهاية الشهر، وهذا يعني أنّ الشركة لن تتمكّن من تقديم أيّ استيضاحات جديدة بعد رأس السنة، بالتوازي مع العمل على تقرير التدقيق الأوّليّ. لكنّ مصرف لبنان وعد بالاستمرار بتقديم المستندات التي تطلبها الشركة قبل نهاية هذا الشهر، حتّى لو تجاوز المصرف المركزي مهلة رفع السريّة المصرفيّة خلال إعداد المستندات.
بيد أنّ هذا الوعد لا يسمح للشركة بتقديم أيّ طلبات جديدة لاحقاً بعد انتهاء هذه المهلة، وهو ما سيعرقل عملها الذي يُفترض أن يتركّز الجزء الأكبر منه بعد رأس السنة، نظراً إلى تأخّرها في بدء التدقيق، وذلك لأنّ مسار التدقيق الجنائي يتّسم بطبيعة تفاعليّة في العادة، إذ تحتاج الشركة المدقّقة إلى الاستفسار عن معلومات إضافيّة بخصوص المعطيات التي تشتبه بوجود مخالفات جسيمة خلفها.
أمّا المخرج الوحيد المتاح فهو إقرار المجلس النيابي لقانون جديد يسمح بتمديد مهلة رفع السرّيّة المصرفيّة، ويذلّل العقبات المتّصلة بنهاية هذه الفترة. وفي حال عدم إقرار القانون، من الطبيعي أن تتردّد الشركة في دخول مسار التدقيق ما دامت متيقّنة من طبيعة العراقيل التي ستنتج عن نهاية مهلة رفع السرّيّة قبل إنهاء مسار التدقيق الجنائي. ولهذا السبب بالتحديد، ترتفع اليوم تدريجيّاً حظوظ انسحاب آلفاريز، إلا إذا أفضت الضغوط الدوليّة إلى معالجة جميع هذه النقاط العالقة.
 
 

news
news
news
news