8 كانون الأول 2021 الوكالة الوطنية :المصدررصد الموقع :الكاتب
ودّعت الطائفة الانجيلية في سوريا ولبنان الرئيس السابق للمجمع الأعلى للطائفة القس الدكتور سليم صهيوني في مأتم رسمي مهيب اقيم في الكنيسة الانجيلية المشيخية الوطنية في الرابية، في حضور النائب ادكار طرابلسي ممثلا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيسي مجلسي النواب والوزراء نبيه بري ونجيب ميقاتي.
كما حضر النائب ادي معلوف ممثلا رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل،،المطران جورج صليبا ممثلا بطريرك السريان الارثوذكس مار اغناطيوس افرام الثاني، الاب زاريه سركيسيان ممثلا كاثوليكوس الارمن الارثوذكس آرام الاول، المتقدم في الكهنة نكتاريوس خيرالله ممثلا متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة ، رؤساء الكنائس الانجيلية في سوريا ولبنان ورعاتها العائلة والاصدقاء.
قام بخدمة الجنازة رئيس المجمع الاعلى للطائفة في سوريا ولبنان القس جوزف قصاب عاونه رؤساء الكنائس التابعة للطائفة وراعي الكنيسة الانجيلية في الرابية القس جورج مراد.
وبعد تلاوة الانجيل المقدس القى قصاب كلمة تعزية قال فيها :"نجتمع اليوم في وجه حقيقة الموت، الموت الذي نكتشف أمامه من نحن كبشر، مخلوقين لنعيش في حدود الزمان والمكان، لكننا في لحظة كهذه نتحسس ايضا وجود الاله الخالق الذي هو اكبر من الزمان واكبر من المكان، هذا الاله الذي يدعونا في حياتنا اليه بطرق مختلفة لكنه يختار ايضا ان يدعونا في موتنا كما اختار ان يدعو فقيدنا الراقد في الرب القس سليم صهيوني ".
اضاف :" نحن هنا اليوم لنكرم في وقار عزيزا في عيني الرب وعزيزا في ذاكرة عارفيه ، لكننا هنا لغاية اسمى لننقل شهادة عن هذا الوعد اليقين، الحياة الابدية. ان كنا لا نرى اليوم دموعا غزيرة فذلك لاننا لسنا هنا لنشهد عن حزن العالم وعن سطوة الموت بل لنعلن عن محبة الله الابدية في المسيح يسوع. خدمتنا التعبدية اليوم هي ترنيمة هللويا لان القس سليم قد انتقل من الموت الى الحياة".
وتابع :" من بين كل المخاوف التي تصيب قلب الانسان يبقى الخوف من الموت هو الخوف الاكبر، نحن نخاف ان نموت ونخاف على احبائنا من الموت، في العمق نحن نخاف تحديدا مما يمكن ان تكون حالنا عليه بعد الموت. فالموت هو المشكلة المصيرية في حياة البشر ".
وقال قصاب :"هناك استقطابان في حياة الناس، متساويان في القوة ومتعاكسان في الاتجاه، الموت من جهة والمحبة من الجهة المعاكسة، لكن قصة يسوع المصلوب كشفت للانسان نهاية هذا الصراع الازلي في حياة الانسان فهناك على الصليب رأينا ابشع الموت واعمق المحبة يتصالحان ، هذه المصالحة التي ابطلت عداوة الموت رغم انها لم تبطل الموت ذاته ".
واضاف :" لا يستطيع الموت ان يفصلنا عن محبة المسيح، الموت يفصل علاقاتنا البشرية، شركتنا الانسانية، اذ يقطع تواصلنا مع من نحب، لكن الموت لا يمكنه ان يفصلنا عن محبة الله في المسيح يسوع. هذه هي العلاقة الوحيدة التي لا يمكن للموت ان يدمرها".
وتابع :" ان وداعنا لأحبائنا في الايمان هو ان نقول لهم كما نقول اليوم للقسيس سليم، انتم ستكونون في امان وان رحيلكم لن يفنيكم ، فقانون الله الكون، هو الذي اكتشفه نيوتن لاحقا، ان الطاقة لا تفنى بل تتحول من شكل الى آخر، هذه الطاقة لا تتحول فقط في الابدية لكن هنا على الارض ايضا، الطاقة التي نبذلها في المحبة والخدمة والتكريس والاخلاص للمسيح ولرسالته لا تفنى بل تحولنا وتحول شعبنا ومجتمعنا الى حياة افضل. القس سليم صهيوني كان طاقة محبة وانسانية وكنسية وراعوية ومسكونية اثرت في حياتنا افرادا وجماعات".
واردف :" لقد قاد القس سليم الكنائس الانجيلية تحت مظلة المجمع الأعلى للطائفة الانجيلية في سوريا ولبنان لفترة امتدت من عام 1983 وحتى نهاية ال2013، حيث حافظ على وحدة الكنائس الانجيلية في تنوعها ،الذي قد لا يفهمه كثيرون في شرق لم يستطع ان يفهم الوحدة الا من خلال ارتباطها بالرقم واحد، لقد شجع القسيس سليم الانجيليين الا يغيب عنهم انهم اولا واخيرا كنيسة والا ينجروا الى فهم انفسهم كطائفة من الطوائف، او قبيلة من القبائل التي أسس لها العثمانيون ثم كرسها الانتداب الفرنسي فقتلت احلام اللبنانيين في بناء مجتمع مدني لا طائفي واصبحنا نلهث وراء حجز المناصب واحتكار مواقع السلطة حتى وصلنا الى ما نحن عليه ".
وتابع :" لقد اراد القسيس سليم الانجيليين ان يبقوا على رسالتهم المسيحية في ان يكونوا نورا وملحا كما دعانا السيد، نور التربية والتعليم من خلال المدارس والجامعات والصحة والخدمات الاجتماعية ونبذ العنف والاخاء العام ، انه الدور وليس موقع السلطة او المنصب، الدور الذي ثبت اخيرا ان ما من منصب او سلطة يمكن ان تضمنه في هذا المجتمع".
وختم قصاب :" رحيلك قسيس سليم ليس حدثا محببا لنا، لكنه يصبح محتملا بسبب ايماننا بوعود الله وبسبب ثقتنا بعمل المسيح، انت لا تذهب الى الابدية لتلاقي المسيح لكنك تذهب إلى المسيح لتجد فيه الحياة الابدية، تذهب ومعك جهادك الحسن وأعمالك الصالحة وسنين من الخدمة المخلصة لكنيستك ومجتمعك".
وبعد الصلاة القى طرابلسي كلمة فقال :"شرفني فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ودولة رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري ودولة رئيس مجلس الوزراء الاستاذ نجيب ميقاتي تمثيلهم وتقديم كلمة التعازي والمحبة والتحية الى الاستاذ الياس والدكتورة مارلين وولديهما والى آل صهيوني الكرام والى رئاسة الطائفة الانجيلية ورؤساء كنائسها ورعاتها ورعاياها ومؤسساتها في وداع الراحل الكبير القس الدكتور سليم صهيوني".
اضاف :" لقد كان القس صهيوني علما بارزا من الاعلام الكبار في لينان، تحلى بالايمان والعلم والحكمة والمحبة والخدمة والحوار والصمود الى جانب شعبه في احلك ايام المحن وظروفه الصعبة وترك القس صهيوني بصمة طيبة في المشهد الوطني والعلاقات المسكونية وتلك العابرة للطوائف طوال اكثر من ستة عقود. وكان القس صهيوني مثالا يحتذى به، جمع بين الكبر والتواضع في خدمته الطويلة التي تحمل فيها مسؤوليات عديدة في رعاية الكنائس والمؤسسات التربوية وعضوية مجلس امناء الجامعة اللبنانية الاميركية الى رئاسة الطائفة الانجيلية في لبنان وسوريا ورئاسة مجلس كنائس الشرق الأوسط ولقاءات رؤساء الطوائف اللبنانية وتمثيل لبنان في المؤتمرات المسيحية الاقليمية والعالمية. والاهم هو ان القس صهيوني خدم الجميع من دون تمييز كراع صالح وكأب روحي فاضل لا يميز بين اولاده ويريد خيرهم جميعا".
وتابع :" سبق وقدمت رئاسة الجمهورية اللبنانية لصهيوني وسام الارز الوطني من رتبة كومندور عربون تقدير لمواقفه الوطنية المؤدية للدولة والشرعية والجيش اللبناني، وكان القس صهيوني مؤمنا بحرية لبنان وسيادته واستقلاله وبتحقيق دولة مدنية يتساوى فيها جميع مواطنيها وتكون لهم الحياة الكريمة ".
واردف :" جهد القس صهيوني في اعلاء شأن الطائفة الانجيلية في لبنان وسوريا وهي الطائفة الرائدة في خدماتها الروحية ومؤسساتها التربوية والجامعية وبناء الانسان فأثرت في كثيرين من اهل الفكر والسياسية والعلم والدين، ليس في لبنان وحسب، بل وفي بلدان الشرق الاوسط وشمال افريقيا وآسيا ".
وختم طراباسي :سيفقتقد لبنان والطائفة الانجيلية حضور القس الدكتور سليم صهيوني بالجسد لكن ذكراه ومآثره ستبقى حية وعطرة في ضمائرنا وملهمة لكثيرين في اتباع خطواته في خدمة الرب والكنيسة والانسان والوطن.
نتقدم من عائلة صهيوني الكريمة وعموم عائلات الفقيد الغالي ورئاسة المجمع الاعلى للطائفة الانجيلية وكنائسها ومؤسساتها بأحر التعازي القلبية".
وكانت كلمة للامين العام لمجلس كنائس الشرق الاوسط الدكتور ميشال عبس تحدث فيها عن علاقته بالقس صهيوني فقال :" اكتشفت في القسيس سليم الراعي المتقد الوعي على مصالح رعيته، الساهر على حسن سير مؤسساتها والمدافع عن ديمومتها. اكتشفت فيه ايضا الراعي المنفتح القادر على الحوار حتى أخر المطاف توخيا لنتيجة او توصلا لتفاهم او تفاديا لخطأ في التأويل".
اضاف :"لا أنكر انني اختلفت مع القسيس سليم في بعض المحطات، أكان في وجهات النظر او في التطلعات، ولكنني أتذكر اننا كنا نصل دائما الى تفاهم مفعم بالود رغم حدية الجدل احيانا.لقد كان القس سليم شديد التواضع، منفتح الذهن، ذو قلب مشبع محبة ونفسية لا تعرف الحقد. القس سليم، ابن المدرسة الانجيلية الشرقية، ابن السينودوس، الذي لي فيه احباء وأصدقاء، كان علما من اعلام العمل المسكوني ورائدا في ميادينه".
واعتبر عبس ان" السينودوس الوطني الإنجيلي في سوريا ولبنان، الذي منه تخرج رعاة سطروا صفحات مضيئة في تاريخ المسيحية المشرقية، هو سينودوس المؤسسات، سينودوس التربية والتعليم الذي رفد مجتمعنا المشرقي والعالم العربي بأفضل كوادره وطاقاته البشرية. هذا السينودوس كان القس سليم من عضاضاته وعلى رأسه. هنا لا يسعني الا ان أتوجه أيضا بالتحية الى روح الصديق الراحل وديع السيقلي الذي لم تتسن لي فرصة وداعه لأسباب لها علاقة بما عصف بلبنان آنذاك".
واكد عبس " دور صهيوني الذي لا جدل حوله في تطوير الكثير من الابعاد في عمل مجلس كنائس الشرق الاوسط كما في مؤسساته. مقاربته النقدية ونظرته الثاقبة ووضوح الأهداف عنده كانوا يشكلون عناصر منهجيته".
وختم عبس :" يرحل القس سليم اليوم، تاركا وراءه تاريخا من الكفاح الإيماني المسكوني في مجتمعه الكنسي، ومن الذكريات الجميلة في اذهان من عاصروه. يأتي جيل ويرحل جيل، والمهم ان تستمر المؤسسات حاضنة لرسالة السيد المتجسد، قائمة بمهامها على أكمل وجه. البركة بالوجوه القيادية والفتية في السينودوس والتي تعاوننا في اعمال مجلس كنائس الشرق الاوسط بكل ما اوتيت من طاقة، فلا تتردد لحظة في تلبية ما يحتاجه العمل المسكوني الذي يشكل السينودوس، كما العائلة الانجيلية في المجلس، احدى اهم دعائمه. يرحل القس سليم اليوم تاركاً وراءه ارثا هو بمثابة وصية".
ثم القى نجل الراحل الياس كلمة وجدانية تحدث فيها عن ايمان والده وتفانيه في خدمة الكنيسة. وشكر كل من واكب القس صهيوني في حياته وفي أيامه الاخيرة وكذلك كل من حضر لمشاركة العائلة بالصلاة ومواساتها في مصابها الاليم.