في صفحته في فايسبوك، عبّر رياض قبيسي عن سعادته بنيله جائزة وزارة الخارجية الأميركية لمكافحة الفساد للعام 2011، مع 11 شخصية حول العالم، بعد سلسلة تحقيقات أجراها إثر انفجار مرفأ بيروت.

أتى ذلك بعد جهود عديدة قضاها الصحافي الاستقصائي في ملاحقة ملفات الفساد، سواء في جمارك مرفأ بيروت أو المسؤولين عن انفجار مرفأ بيروت أو كل الملفات التي تناولها برنامج "يسقط حكم الفاسد".

على مدى الأعوام السابقة، كان تلفزيون "الجديد" وما زال، أكثر القنوات متابعة في الضاحية الجنوبية لبيروت وفي الجنوب اللبناني، مشكلاً التلفزيون الرقم واحد لدى بيئة "حزب الله" و"حركة أمل". ولا شك أن رياض قبيسي كان نجم "الجديد" لدى هذا الجمهور في مرحلة ما قبل انفجار مرفأ بيروت. تابعه الجميع. وثقوا فيه وصدّقوه. وبصرف النظر عن مدى تأثير ذلك في قناعاتهم ومواقفهم من أحزابهم، إلا أن المادة التي قدمها رياض قبيسي خلال السنوات الماضية لاقت ترحيباً ومصداقية في الشارع الشيعي.

لكن، كان يكفي أن ينال رياض قبيسي اعترافاً أميركياً بعمله، حتى يتحول في نظر مناصري  حزب الله في مواقع التواصل، إلى خائن، يستقصي معلوماته، التي رسمت شبهات على "الثنائي الشيعي" بحماية الفساد، من السفارة الأميركية.

بات قبيسي من وجه نظرهم، رجل تجدر به إعادة النظر في كل مواقفه وكل ما قدمه، لمجرد أن "الشيطان أعطاه شهادة"، وتناقلوا عبارة لزعيم الثورة الإيرانية الإمام الخميني حول ذلك.

هناك دائماً نظرية المؤامرة، حاضرة لدى حزب الله وجمهوره، مفادها أن أي مبادرة تقوم بها أميركا أو الغرب تقف خلفها نوايا سيئة. أي تكريم لصحافي، أي دعم لمنظمة حكومية، أي مشروع للمساعدة بمختلف أشكالها، "هي مشاريع للتآمر". فضّل "حزب الله" العزلة على الدخول في أي مغامرة ثقة مع الولايات المتحدة، بطبيعة الحال تمتد أزمة الثقة هذه إلى من يعتبرهم الحزب حلفاء أميركا في الداخل، وهذه بلا شك تغلق الباب أمام أي حل مستقبلي للأزمة.

من ناحية أخرى، لا بد أن رياض قبيسي لطالما كان مزعجاً لـ"حزب الله"، كل ملفات الفساد التي لاحقها، استهدفت حلفاء الحزب في السلطة. بات واضحاً اليوم أن "حزب الله" حامي النظام، وأنه مستفيد أول من الفساد المستشري في الدولة، سواء هو أو حلفاؤه، ولا يناسبه وجود صحافيين أمثال رياض قبيسي.