7 كانون الأول 2021 المدن :المصدرنادر فوز :الكاتب
فكّت محكمة الاستئناف أسر التحقيق في انفجار مرفأ بيروت. أخيراً، التأمت الغرفة 12 الاستئنافية وأصدرت قراراً طال انتظاره لقرابة أسبوعين، بالرجوع عن قرار القاضي حبيب مزهر بكف يد المحقق العدلي القاضي طارق بيطار. أسبوعان، سبقهما ثلاثة أسابيع تقريباً تم خلالها التأكيد على أنّ مزهر غير صالح لاتخاذ هذا القرار، وتم فيهما الفصل بين طلب الردّ المقدم ضد بيطار وطلب الردّ المقدم ضد رئيس الغرفة 12 المتنحي القاضي نسيب إيليا. إجمالي 5 أسابيع من التعطيل التام للتحقيق في انفجار مرفأ بيوت، تمّ وضع حدّ له اليوم، على أمل أن لا تكون خطوات العرقلة سيرة المدعى عليهم في الملف بناءً على حقوقهم القانونية.
قرار الغرفة 12
اطّلعت "المدن" على مضمون القرار الصادر عن الغرفة 12 الاستئنافية. وأبرز ما جاء في متن القرار أنه "بناءً على طلب محامي الضحايا الأجانب من الفئات المهمّشة، المحامين مازن حطيط وفاروق المغربي وطارق الحجار وحسام الحاج، بخصوص الملف 69/2021 (طلب ردّ بيطار)، قرّرت الغرفة التالي:
أولاً، الرجوع عن القرار المدوّن على الصفحات 4 و5 و6 و7 من محضر المحاكمة العائد للملف الحالي (أي 69) الصادر عن القاضي حبيب مزهر لصدوره عن من لا يملك حق إصداره قانوناً، وبالتالي اعتباره كأنه لم يكن أي منعدم الوجود وإبطال جميع مفاعيله.
ثانياً، رد طلب الردّ شكلاً لعدم الاختصاص النوعي.
ثالثاً، إلزام طالب الرد (الوزير السابق المدعى عليه والصادرة بحقه مذكرة توقيف غيابية يوسف فنيانوس) دفع غرامة 800 ألف ليرة لبنانية.
رابعاً، إبلاغ المحقق العدلي القاضي طارق بيطار مضمون القرار لمتابعة السير بتحقيقه".
ترجمة القرار
قد يكون البند الرابع من قرار الغرفة هو الأهم لجهة عودة القاضي بيطار إلى التحقيق. إلا أنّ البند الأول يحمل أيضاً أهمية بالغة خصوصاً للتأكيد على أنه تجاوز الصلاحيات القانونية والتكليف، وهو ما سبق للرئيس الأول لمحكمة الاستئناف أن أكده في قرار الفصل بين الملفين 69 و72 (طلب ردّ القاضي نسيب إيليا) الصادر في 23 تشرين الثاني الماضي. كما أنّ قرار الغرفة أكد على اعتبار قرار مزهر "منعدم الوجود". وهنا لا بد من السؤال، مجدداً، عن مصير هذا التجاوز الذي أقدم عليه مزهر وتخطّيه لصلاحياته، إضافة إلى دور الجسم القضائي والتفتيش القضائي في محاسبة متّخذ قرار مماثل. خصوصاً أنّ مزهر عضو في مجلس القضاء الأعلى، وترتّب على قراره شلّ التحقيق في انفجار مرفأ بيروت لخمسة أسابيع تقريباً.
انتصار الفرسان
انتصرت الغرفة الاستئنافية رقم 12 اليوم للمحقق العدلي القاضي طارق بيطار والتحقيق في جريمة 4 آب. وهنا لا بد من الإشارة إلى أنّ هذا الانتصار ما كان ليحصل لولا وجود ثلاثي قانوني بات معروفاً بالاسم. في هذا الملف، المحامون مازن حطيط وفاروق المغربي وطارق الحجار، يحملون لقب "الفرسان الثلاثة". هم من أخذوا على عاتقهم منذ لحظة صدور قرار مزهر كف يد البيطار في الرابع من تشرين الثاني الماضي، مهمّة فكفكة التفاصيل والتدقيق فيها وفضح التجاوزات والتكليف المعطى للقاضي. هم من وجّهوا طلب الفصل بين الملفين 69 و72. هم من انتظروا لأيام صدور القرار الأول بالفصل بينهما. هم من أعادوا تقديم طلب التراجع عن قرار مزهر. وعادوا وانتظروا لأيام في العدلية. يدخلون مكتباً ويخرجون من آخر، لحثّ المعنيين على التمحيص في طلباتهم واحترام القوانين والمحافظة على حسن سير العدالة. هم من سحبوا ملف التحقيق في جريمة انفجار مرفأ بيروت، حرفياً من فمّ التنيّن والتعطيل. Mission Accomplished، المهمة أنجزت.
التحقيق في جريمة 4 آب، أشبه بمسلسل تلفزيوني يتم عرضه على حلقات ومواسم. عنوان الموسم الأخير كان "التحقيق في فمّ التنّين"، وانتهى اليوم بقرار الغرفة رقم 12 الاستئنافية وعودة المحقق العدلي إلى عمله. وغداً، ربما، موسم جديد يتمثّل في ردّ فعل المدعى عليهم السياسيين والساعين وراء العرقلة والتعطيل، بعد الهزيمة الجديدة التي منيوا بها. وردّ فعل هؤلاء مرتقبة عبر تقديم طلبات ردّ أمام الغرفة الأولى من محكمة التمييز، ودعاوى مداعاة أمام الهيئة العامة التمييزية، وربما من خلال تقديم دفوع شكلية أمام القاضي البيطار عند استدعائه المدعى عليهم.
التحقيق في مجزرة المرفأ، مسلسل تلفزيوني واقعي، يُعرض يومياً في العدلية والمجالس السياسية وعلى شاشات التلفزة والأستديوات الإخبارية والحوارية. طوى المعنيون فصل "التحقيق في فمّ التنّين"، ويُفتح جديد لن يقلّ تعطيلاً وعرقلة عن ما سبق. انتظرونا في الموسم الجديد، لمزيد من التشويق والإثارة في عملية البحث المضني عن الحقيقة والعدالة والتمسّك بالمحاسبة. Bella Ciao.