لا تنفك السلطة السياسية تؤكد عزمها على كشف الحقيقة في جريمة انفجار المرفأ. في حديثه الى صحيفة "لا ريبوبليكا" الايطالية الثلثاء، قال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ردا على سؤال "هناك نزاع في لبنان بين من يريد العدالة، ومن لا يريدها، وبعض الافرقاء يعارضون المسار القائم. من الواجب القيام بتضحيات من اجل بلوغ الهدف، لكنني واثق من ان العدالة ستتحقق لا سيما وان جميع اللبنانيين ينشدونها وأنا طالبت بازالة كل العوائق التي تمنع تحقيقها".

لكن الى اي مدى طلب عون فعلا ازالةَ هذه العوائق؟ والى اي مدى المنظومة الحاكمة صادقة في نيتها الوصول الى الحقيقة في "جريمة العصر"؟ تسأل مصادر سياسية معارضة عبر "المركزية".

في اليومين الماضيين، سُجّل تطور قضائي من شأنه اعادة انعاش التحقيقات في ملف "4 آب" والمعطّلة منذ اشهر. هذا الجديد تمثّل في إصدار مجلس القضاء الأعلى، بعد اجتماع مطوّل عقده مطلع الاسبوع، قراراً بتعيين رؤساء غرف محاكم التمييز الشاغرة التي كانت محط كباش بين القضاة في الآونة الأخيرة. ومع انجاز هذه التعيينات أصبح عديد الهيئة العامة لمحكمة التمييز مكتملاً، وأصبح بإمكانها ان تجتمع بشكل طبيعي مع مستشاريها...

ولمّا كان الشغور في غرف التمييز احد اسباب تكبيل يدي المحقق العدلي في جريمة المرفأ القاضي طارق البيطار في الفترة السابقة، فإن ملأه يفترض ان يعيد اليوم تحريك المياه الراكدة في هذه القضية ويرفع العقبات من امام استئناف البيطار نشاطه.

عليه يصبح السؤال: هل ستصدق وعود السلطة ويُسمح لهذا القطار ان يسلك مساره الصحيح من جديد؟ الاشارات الاولى تبدو مشجعة. فقد افيد ان وزير العدل هنري خوري وقّع قبيل جلسة مجلس الوزراء امس، مرسوم التشكيلات القضائية المتعلقة بتعيين رؤساء أصيلين لمحاكم التمييز الذين تتألف منهم الهيئة العامة لمحكمة التمييز. الآن، اتجهت الانظار الى وزارة المال فرئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية التي عليها الموافقة على التعيينات، لتصبح نافذة. وترصد العيون هنا، في شكل خاص موقفَ الوزير يوسف الخليل المحسوب على الثنائي الشيعي، وموقفَ بعبدا، وسط مخاوف من ان "تُسجن" التعيينات في أدراج القصر لمزيد من التمحيص والتدقيق، كما حصل في التشكيلات القضائية.. الامر الذي يعيد التحقيقات الى دائرة المراوحة والتعطيل..

واذ تلفت الى ان هذا الاحتمال وارد، تعتبر المصادر ان بعبدا والفريق الحاكم ككل، امام امتحان اظهار صدقيتهما في ازالة العوائق من امام التحقيقات.. الا انها تدعو الى عدم اسقاط احتمال ان تكون المنظومة، رغم نفيها ذلك، في صدد تطيير رئيس مجلس القضاء الاعلى سهيل عبود، من ضمن "صفقة" أوسع تعمل على إنضاجها تشمل الملفَ المصرفي وقضية المرفأ في آن... لننتظر ونر، تختم المصادر.